ليكمان يتنبأ- كامالا هاريس رئيسة أمريكا القادمة؟

عبر مسيرتها الزاخرة بالأحداث، لم تشهد الولايات المتحدة شخصية فريدة ومثيرة للجدل مثل البروفيسور آلان ليكمان، الحاصل على شهادة الدكتوراه المرموقة في التاريخ الأميركي المعاصر من جامعة هارفارد العريقة عام 1973. ويرجع هذا الجدل الواسع النطاق إلى ابتكاره لنظام تنبؤ سياسي فريد من نوعه، مكّنه من التكهن بنتائج الانتخابات الرئاسية في أميركا بدقة لافتة منذ عام 1982. لقد حقق ليكمان نجاحًا باهرًا بنسبة مائة بالمائة في توقعاته، وهو إنجاز لم يتمكن أي باحث أو صاحب نموذج تنبؤي آخر من مضاهاته.
لقد أثبت هذا النموذج جدارته وفعاليته منذ اللحظة التي توقع فيها فوز الرئيس رونالد ريغان بفترة رئاسية ثانية في أبريل/نيسان من عام 1982، وذلك في فترة عصيبة كانت فيها الولايات المتحدة على أعتاب هاوية اقتصادية شبيهة بتلك التي شهدتها عام 1929. علاوة على ذلك، كان أكثر من 60% من الشعب الأميركي يعتقدون جازمين بعدم ضرورة ترشح ريغان لولاية رئاسية ثانية. لكن ليكمان، متحديًا كل التوقعات السائدة، سلك طريقًا مغايرًا وتنبأ بفوز ريغان الساحق. ولا يقتصر سجل ليكمان الحافل بالإنجازات على ذلك فحسب، بل يشمل أيضًا توقعه الصائب بفوز ترامب في عام 2016، على الرغم من أن جميع استطلاعات الرأي كانت تشير آنذاك إلى تقدم المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، التي كانت حظوظها في الفوز بالرئاسة، حسب رأي العديد من الخبراء واستطلاعات الرأي، شبه محسومة.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsترامب يوقع أمرا تنفيذيا لإلغاء وزارة التعليم
"مبعوث يسوع".. هل سيُدخل ترامب أميركا عصر الهيمنة المسيحية؟
يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على النموذج الفريد الذي ابتكره آلان ليكمان لتوقع الفائز بالرئاسة على مدى أربعين عامًا مضت، وتقييم مدى استمرار حظوظه في التنبؤ بنتائج الانتخابات الحالية في عام 2024.
- ما هي الأسس والمعايير التي يعتمد عليها نموذجه التوقعي في تحديد مسار الانتخابات ونتائجها بشكل دقيق؟
- ما هي حظوظ وفرص النجاح المتاحة للتوقعات التي تتعارض مع توقعات ليكمان لنتائج السباق الرئاسي المحتدم بين كامالا هاريس ودونالد ترامب؟
- وهل ستكون نتيجة الانتخابات القادمة بمثابة نهاية مؤسفة لنموذجه الذي عمل بدقة متناهية لأكثر من أربعة عقود، بسبب المتغيرات الجذرية في المشهد السياسي ودخول عوامل جديدة لم يضعها ليكمان في الحسبان؟
بناء نموذج التنبؤات
بدأ النموذج في الظهور عام 1981، عندما التقى ليكمان في مدينة لوس أنجلوس بالعالم الروسي الشهير فلاديمير كايلاس بوراك، المتخصص في التنبؤ بالزلازل ومدير معهد نظرية التنبؤ بالزلازل والجيوفيزياء الرياضية في موسكو. طلب البروفيسور فلاديمير من ليكمان التعاون معه لتطوير نموذج للتنبؤ السياسي، يستفيد فيه من قدرة نظام التنبؤ بالزلازل الذي قام بتطويره على مدار سنوات طويلة من البحث المضني في موسكو. وكان مبرر فلاديمير هو أن هذا النموذج يمكن أن ينجح في بلد مثل الولايات المتحدة، على عكس الاتحاد السوفياتي (سابقًا) الذي يتبنى نظامًا استبداديًا وغير ديمقراطي. وبناءً على التشجيع الذي تلقاه ليكمان من البروفيسور الروسي فلاديمير، قام بإجراء فحص وتحليل شامل لجميع البيانات التي تم جمعها عن الانتخابات الرئاسية الأميركية في الفترة الممتدة من عام 1860 إلى عام 1980.
ومن خلال البحث المتعمق والدقيق، توصل ليكمان إلى بعض الاستنتاجات الهامة، من بينها أن الناخبين لا يتأثرون في الواقع بالحملات الانتخابية الدعائية، بل يصوتون بناءً على تقييمهم لأداء الرئيس خلال فترة ولايته الأولى. بالإضافة إلى ذلك، إذا قرر الرئيس، لأي سبب من الأسباب، عدم الترشح لولاية ثانية، فإن نجاحاته وإخفاقاته ستساعد أو تعيق آفاق مرشح حزبه. أثمر هذا الجهد البحثي المضني لاحقًا في تبلور منهج ليكمان للتنبؤ السياسي، الذي يرتكز على ثلاثة عشر عاملًا رئيسيًا تحدد شخصية الرئيس الفائز منذ عام 1860 وحتى يومنا هذا، والتي أطلق عليها اسم "13 مفتاحًا للبيت الأبيض". وقد تم نشر هذه المفاتيح في كتاب يحمل نفس الاسم: "13 Keys to the White House".
مفاتيح نموذج ليكمان
استخدم البروفيسور ليكمان ثلاثة عشر مفتاحًا في التنبؤ بنتيجة الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2024. يفترض ليكمان من خلال نموذجه التوقعي أن الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها ستكون عادلة وآمنة، مع الحفاظ على إرادة الناخبين، وخالية من محاولات تعطيل عملية التصديق على نتائج الانتخابات من قبل الولايات والمقاطعات والدوائر الانتخابية. فيما يلي استعراض لنتائج مفاتيح النموذج كما أوضحها البروفيسور ليكمان على الانتخابات المزمع إجراؤها في هذا العام:
-
تفويض الحزب الحاكم
عند اختبار المفتاح الأول (المقياس)، الذي يهتم بدراسة ما إذا كان الحزب الحاكم يحتفظ بعدد أكبر من المقاعد في مجلس النواب الأميركي بعد انتخابات التجديد النصفي مقارنة بما كان عليه في الانتخابات السابقة، نلاحظ هنا أن الحزب الديمقراطي فاز بـ 213 مقعدًا في عام 2022، مقارنة بحصوله على عدد 235 مقعدًا في عام 2018. وبالتالي، يمكن القول إن الديمقراطيين قد خسروا هذا المفتاح. -
المنافسة على الترشح
عند فحص المفتاح الثاني، نلاحظ عدم وجود أي منافسة جادة على ترشيح كامالا هاريس لمنصب الرئاسة، والتي تمثل الحزب الحاكم. وكما هو معلوم، يتعين على المرشح أن يحصل على ثلثي أصوات المندوبين على الأقل في الجولة الأولى من الاقتراع. وقد فازت هاريس بنسبة 99% من المندوبين المشاركين، الأمر الذي يعني أن الحزب الديمقراطي قد كسب هذا المفتاح لصالحه ضمن نموذج ليكمان. -
المرشح من الحزب الحاكم هو الرئيس الحالي
بمراجعة المفتاح الثالث، فإن قرار جو بايدن بعدم ترشحه في 21 يوليو/تموز الماضي، قد أفقد الحزب الديمقراطي هذه الميزة، وبالتالي خسر هذا المفتاح. -
الطرف الثالث
بنظرة فاحصة للمفتاح الرابع الخاص بالطرف الثالث، أو ما يسمى بالمرشح المستقل، الذي يمكنه الحصول على أكثر من 5%، لم يكن موجودًا. مع الأخذ في الاعتبار أن المؤشر الرئيسي هو استقرار الطرف الثالث عند نسبة 10% أو أكثر في استطلاعات الرأي القريبة من الانتخابات. فظاهرة ترشح كينيدي لم ترقَ لمعايير المفتاح الرابع، ولم يتمكن من تجاوز حاجز الخمسة في المائة، مما أجبره على إعلان تنازله عن المواصلة كمرشح مستقل في يوم الجمعة 23 أغسطس/آب، وإعلانه تأييد ترامب. وحسب ليكمان فإن هذا التأييد غير مؤثر، وبالتالي كسب الديمقراطيون نقطة في طريق احتفاظهم بالبيت الأبيض لأربع سنوات قادمة. -
اقتصاد قوي على المدى القصير
بالنظر للمفتاح الخامس، الذي يهتم بمدى وجود حالة ركود اقتصادي إبان الحملة الانتخابية، يبدو جليًا أن الاقتصاد الأميركي ليس في حالة ركود. وذلك بالنظر إلى أن تعريف الركود يرتبط بوجود ربعين متتاليين من النمو السلبي على المستوى الاقتصادي، وهذا ما لم يعلنه مكتب التحليل الاقتصادي Bureau of Economic، الجهة المناط بها إصدار هذا النوع من التقييم. وقد بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول 1.4%، أعقبه 2.8% في الربع الثاني، وهو أعلى بكثير من نسبة الـ 2.0% المتوقعة. مع تأكيد بنك الاحتياطي الفدرالي في أتلانتا على أن نموًا قويًا للربع الثالث ما يزال متوقعًا بنسبة تصل إلى 2.0%.
ورغم المخاوف من المخاطر المتزايدة من الركود، يعتقد معظم خبراء الاقتصاد أن احتمالات الركود ما تزال ضئيلة. حيث أشار بنك غولدمان ساكس إلى أن "استمرار التوسع أكثر احتمالًا بكثير من الركود". ويمكن التأكيد بناءً على هذه الإحصائيات أن الاقتصاد الأميركي ما يزال يتمتع بقوة واستقرار على المدى القصير، وبالتالي فإن الحزب الحاكم قد كسب هذا المقياس لصالحه في السباق الرئاسي. -
اقتصاد قوي على المدى الطويل
بنظرة متأنية للمفتاح السادس وجود اقتصاد قوي على المدى الطويل، الذي يهتم بقضية محورية، وهي أن النمو الاقتصادي السنوي الحقيقي للفرد خلال الفترة الرئاسية الأولى يساوي أو يتجاوز متوسط النمو خلال الفترتين الرئاسيتين السابقتين، يمكن القول هنا إن النمو الاقتصادي خلال فترة ولاية بايدن الحالية قد تجاوز بشكل كبير متوسط النمو الذي حدث خلال الإدارتين السابقتين، والتي تشمل ولاية باراك أوباما الثانية من عام 2012-2016، وولاية ترامب من عام 2016- 2020.
ورغم أن الاقتصاد الأميركي تظهر عليه الكثير من مؤشرات القوة الإيجابية على المدى الطويل، هناك أيضًا تحديات كبيرة تحتاج إلى معالجة لضمان النمو المستدام والعادل على المدى البعيد. وتشمل العوامل الرئيسية التي ينبغي مراقبتها مسار التضخم وما إذا كان سيستمر في الاعتدال نحو الهدف المرسوم بواسطة بنك الاحتياطي الفدرالي، بجانب معالجة المستويات المرتفعة من الديون الحكومية. ويخلص ليكمان هنا إلى أن تكامل مؤشرات وجود اقتصاد قوي على المدى الطويل تحسب لصالح الحزب الحاكم في السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض. -
تغيير كبير في السياسة
يتعاطى المفتاح السابع مع موضوع تغيير السياسات بشكل كبير أو جذري، وذلك من خلال تبني الإدارة التنفيذية الحالية عددًا من السياسات التي تختلف كليًا عن سابقتها من خلال مؤشرين، المؤشر الأول الابتعاد بشكل كبير عن سياسات الإدارة السابقة، والثاني إحداث تغيير حقيقي على مستوى السياسات.
بإسقاط هذا المفتاح على إدارة بايدن التي تمثل الحزب الحاكم وفقًا لمقياس ليكمان، فإن الإدارة الحالية نجحت في إحداث تغيير جذري على مستوى السياسات، مقارنة بالإدارة السابقة من خلال الأوامر التنفيذية التي تم اتخاذها، وعبر التشريعات التي تمت إجازتها بواسطة الكونغرس، والتي شملت خطة الإنقاذ الأميركية لعام 2021، وحزمة البنية التحتية التي تم التوافق عليها بواسطة الحزبين، وقانون الرقائق والعلوم، وقانون الحد من التضخم. وقد امتد تأثير هذه التغييرات ليشمل الأمور المتعلقة بالهجرة، البنية الأساسية، الإجهاض، السياسات الاقتصادية، التغير المناخي، الصحة، الضرائب والسيطرة على الأسلحة كإحدى القضايا التي تؤرق المجتمع الأميركي. والخلاصة في هذا المقياس بالمعطيات المذكورة فإن الحزب الحاكم هو من كسب الرهان نحو الاحتفاظ بوجوده بالبيت الأبيض. -
غياب الاضطرابات الاجتماعية
يتعامل المفتاح الثامن للنموذج مع واحدة من القضايا المهمة، وهي غياب الاضطرابات التي من شأنها تهديد النظام الاجتماعي بالدولة. وباختبار هذا المقياس فإن إدارة بايدن- هاريس، لم تُختبر في هذا الجانب بشكل جاد، باستثناء المظاهرات الطلابية بالجامعات الأميركية المناصرة لغزة، التي لم تخرج عن سلميتها، وبالتالي فإن هذا المقياس يتجه لمصلحة الحزب الحاكم في سياق السباق نحو رئاسة الولايات المتحدة الأميركية. -
غياب الفضيحة السياسية
يرتكز المفتاح التاسع على فرضية أن وجود فضيحة سياسية يتورط فيها الرئيس بشكل مباشر، ستؤثر على حظوظ مرشح الحزب الحاكم للرئاسة، سواء كان المترشح الرئيس نفسه، أو شخصًا آخر من الحزب الحاكم. وبفحص هذا المقياس فإن الرئيس بايدن غير متورط بأي فضيحة سياسية مُعترف بها بواسطة الحزبين، وهذا يدعم حظوظ فوز كامالا هاريس وفقًا للنموذج. -
غياب الفشل السياسي الخارجي
يتعامل المفتاح العاشر مع غياب الفشل السياسي الخارجي، الذي يمكن في حال وجوده أن يسيطر على اهتمام الرأي العام، ويؤثر على حظوظ الحزب الحاكم في الفوز. وبالتدقيق في معطيات الواقع الآني، فإن استمرار الحرب في غزة، واستمرار الدعم العسكري الأميركي، الذي نتج عنه ضحايا تجاوز عددهم الـ 40 ألفًا، مع استمرار المعاناة الإنسانية، فإن ذلك وفقًا لليكمان، يعتبر فشلًا على مستوى السياسة الخارجية، مما يعني أن الحزب الحاكم قد خسر هذا المقياس في إطار السباق نحو الرئاسة. -
نجاح عسكري وأجنبي كبير
المفتاح الحادي عشر، يتعامل مع وجود نجاح عسكري أو أجنبي كبير، ومثلت الحرب الأوكرانية الروسية إخفاقًا كبيرًا على مستوى السياسة الخارجية الأميركية، وذلك بمعيار أنها لم تستطع تحقيق انتصار عسكري كاسح رغم الدعم المقدم لأوكرانيا، وبالتالي فإن هذا المقياس ذهب في غير صالح الحزب الحاكم في معترك السباق الرئاسي. -
وجود رئيس صاحب كاريزما
المفتاح الثاني عشر، يقوم على منطق وجود رئيس صاحب كاريزما، يمكنه التأثير على الناخبين بشكل واضح وملهم، ولعل باراك أوباما يمثل نموذجًا لهذه الكاريزما. وبإسقاط هذا المقياس فإن كامالا هاريس وعلى الرغم من تقدمها في الاستطلاعات، غير أنها لا تتمتع بالكاريزما التي يشير إليها ليكمان في نموذجه، وبالتالي فإن الحزب الحاكم قد خسر هذا المفتاح في إطار السباق الرئاسي. -
وجود مرشح مناوئ لا يتمتع بالكاريزما
المفتاح الثالث عشر يفترض وجود مرشح مناوئ لا يتمتع بالكاريزما، وبالتالي ليست لديه القدرة على التأثير على قاعدة عريضة من الشعب. وبإسقاط ذلك على ترامب ورغم تأثيره على قاعدته الانتخابية، فإنه لا يمكن وصفه بالقائد صاحب الكاريزما الذي يمتلك القدرة على الوصول لشريحة كبيرة من الشعب خارج نطاق دائرة مؤيديه، وهذه الخلاصة تصب في مصلحة الحزب الحاكم.
هاريس رئيسة لأميركا
استنادًا إلى دراسة المفاتيح الثلاثة عشر الخاصة بمشروع ليكمان للتنبؤ السياسي، فقد حصل الحزب الديمقراطي الحاكم على ثمانية مفاتيح أو مقاييس، بينما خسر خمسة. هذه النتيجة تؤهل المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس لتكون أول رئيسة امرأة للولايات المتحدة الأميركية، لتصبح بذلك الرئيس رقم 47 وفقًا لنموذج البروفيسور آلان ليكمان للتنبؤ بالسباق الرئاسي.
لكن من وجهة نظر الكاتب، يتطلب الأمر من هاريس القيام ببعض الأمور، من بينها تقديم رؤية اقتصادية واضحة تتجاوز دائرة الأفكار العامة، وذلك لأهمية موضوع الاقتصاد في هذه الانتخابات. بجانب تقديم نفسها بشكل متكرر عبر وسائل الإعلام، بصورة تعطي الناخب الفرصة في التعرف عليها، ومن ثم بناء الثقة التي لم تكتمل حلقاتها بعد. فضلًا عن ضرورة بذل الجهد الكافي للوصول للناخبين البيض من غير حملة الشهادات، والذين ربما يشكلون عقبة في طريق وصولها للبيت الأبيض، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الوصول للناخبين العرب والمسلمين في مدن كديترويت، فهم على قلتهم يمثلون كتلة حاسمة للفوز بولاية ميشيغان.
ملاحظات على نموذج ليكمان
لا جدال في أن نموذج البروفيسور آلان ليكمان قد بني على أسس علمية متينة، قامت على المزج بين علم الفيزياء وقراءة التاريخ، وقد أثبتت التجربة دقة نموذجه التنبئي منذ العام 1982 وحتى آخر انتخابات فاز بها بايدن.
ولكن هناك بعض الملاحظات التي أرى أهمية إثارتها حول النموذج، والتي من بينها ظهور بعض المتغيرات التي لم يأخذها ليكمان في الحسبان، يأتي في مقدمتها وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت من الأدوات التي لا يستغني عنها المرشح في عصرنا الراهن، خاصة وسيط كالتيك توك، الذي يتابعه ملايين الشباب.
وقد أشارت بعض الإحصائيات الصادرة في يوليو/تموز 2023 إلى أن شريحة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18-29 عامًا بالولايات المتحدة الأميركية يبلغون 52.6 مليون، يتابعون هذه الوسائل. كما أن شريحة مقدرة من هذا العدد قد تركت استخدام وسائل الإعلام التقليدية، وبالتالي فإن الوصول لهذه الفئة عبر بعض وسائل التواصل الاجتماعي، يعتبر شيئًا مهمًا في طريق الوصول للبيت الأبيض.
أمر آخر لم يأخذه ليكمان في نموذجه، هو المناظرات التلفزيونية، والتي باتت حاسمة لجهة تمكين المرشح من مخاطبة الناخبين المستقلين، الذين لا ينتمون لأي من الحزبين. وعليه فإن مخاطبة هذه الفئة تُعد من الأمور المهمة لتأمين وصول المرشح لسدة الرئاسة، ولعل الانتخابات السابقة أكدت أن حسم الانتخابات ضمن عوامل أخرى يعتمد على الوصول لهذه الفئة التي لم يستصحبها ليكمان في نموذجه.